غنيم بن بطاح

بضع أوراق.. أكتب ما يجول في فكري عليها.

العرب.. وردَّة الفعل

٢٠١٣٠٦٠٢-١٠١٣٥٢.jpg

مصيبة الأمة وانحدارها المتوالي المتواتر غير المنقطع بتاتا، تتبلور في كلمتين هن مَنبع وجلَّ إشكالياتها ألا وهما “ردة الفعل”، فمن هذا الفعل المرتد تتحدد جلَّ مساراتنا الفكرية والسياسية، وكذلك تنظيماتنا الحَركية من عسكرية ومقاومة للآخر المغتصب.

ففي أواخر أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، توجهت غالب القوى الشبابية العربية للفكر الإشتراكي الشيوعي، ليس حبا بالمنظر اليهودي كارل ماركس، ولا كذلك حاكم موسكو الثوري فلاديمير لينين، ولكن لأن هناك صدمة ضخمة قد اخترقت عقول وقلوب شبيبة العرب، بسبب الغرب وفكره الليبرالي الرأسمالي.

وذلك لأن بريطانيا وفرنسا والغرب عموما وبعد سايسبيكو البروتوكول التقسيمي الشهير، قد سلب القدس وفلسطين من العرب كأمة، ووهبها لليهود مع تعهد الحماية اللا محدودة عسكريا واقتصاديا، دون النظر لأسباب وتداعيات حروب إسرائيل وتبعاتها، وتبعا لما سبق أتجه العرب للمعسكر الشرقي بقيادة رمزية وفعلية في الغالب، من جمال عبدالناصر، وهي سياسة “التوجه للشرق”، حينها ظهرت أحزاب اشتراكية وشيوعية متعددة، وصلت للحكم في غالب الدول العربية.

كحزب البعث سواء العراقي أو السوري، وكذلك الإشتراكي المجنون القذافي والذي دعمه عبدالناصر، أضف لذلك علي عبدالله صالح باليمن متأخرا وغيره، حتى أن الخليج لم يكن حالة استثنائية من حالة “ردة الفعل”، فقد ظهر حزب البعث فرع الخليج العربي، بل أن من قياداته في الكويت فيصل الصانع وغيره.

أما الإشتراكية خرج لنا أحمد الربعي في الكويت، وكانت له تحركات ظاهرة على السطح، ومنها قضيته المشهورة التي قُبض على أثرها مع زملائه الدعيج وأحمد الديين عرّاب التيار التقدمي الحالي في الكويت.

الحديث يطول عن هرولت شبيبة العرب نحو الشرق في ذاك العصر، وتبني الفكر الإشتراكي ولعل أختم هذه النقطة بتأثر أحمد الربعي بالبوليتاريا، وخاصة حين خطب في المحكمة في مرافعته عن نفسه، فقال بإيجاز أن العمال في الكويت قد سُٰلبت حقوقها وأن الطبقة المتوسطة “كذا وكذا”، وأن أصحاب رؤوس الأموال في الكويت هم “البرجوازية”، وبعد فترة تغير فكر الربعي وتحوّل بالمرة.

وقيس هذه الحالة الكويتية المتأثرة نسبيا بالإشتراكية على جميع الأقطار العربية، فهم ما هم إلا إمتعاضا من الغرب ذهبوا للشرق، وأن ثبت البعض فهم لم يلتزموا بالإشتراكية ليومنا هذا، إلا لأنهم وصلوا من خلالها للسلطة وما زالوا، كالبعث في دمشق، فمن المعيب تبرئهم من فكر أوصلهم للحكم.

الخُلاصة..، أن العرب هم أمة “ردة فعل” لا مبادرة وتقدم للآخر ومقدام، فالإيرانيين يجيدون السياسة ويطورون عسكرهم ويتقدمون نحونا من خلف البحر، ونحن لا نُجيد إلا الإكثار من حديث “التخوف من الشرق”، وما هو على هذه الشاكلة، مع أننا لدينا الكثير من أدوات إشغال الآخر والتوغل إليه.

ختاماً..، حين بادر العرب “بلا ردة فعل” قبل 14 قرن وما بعدها، كتب التاريخ ما فعلناه بالشرق والغرب لا واحدا منهم وحسب..، إذاً فالمعادلة واضحة تقول وبإختصار/ أما أن تكون مهاجما أو مدافعا لا ثالث لهما، وأن قبلت أن تكون مدافعا فقط، فضع في مدركاتك، أنك من حين لحين يجب أن تتنازل عن شبر أن لم يكن باعاً..، فميدان الأمم لا يوجد به”خط وسط”، أما منتصرا أو مهزوما، تابعا أو متبوعا، غالبا أو مغلوبا.

أضف تعليق

Information

This entry was posted on 2 جوان 2013 by in Uncategorized.

الابحار